إذا أتى آت كالشيخ الأرنؤوط جزاه الله خيراً وقَالَ: إن هذا السند لم يذكره ابن كثير لا يعول عليه؛ لأن الحافظ الذهبي ترجم للجعد بن درهم في سير أعلام النبلاء (5/ 433)، وذكر فيه أن إسناده في إنكار الصفات يرجع إِلَى اليهود بمثل ما ذكرنا.
وذكر الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ أيضاً أن خالد بن عبد الله القسري أحد ولاة بني أمية قتل الجعد بن درهم وضحى به في يوم الأضحى، عندما كَانَ النَّاس مجتمعين لصلاة العيد، فقام فيهم قائلاً: أيها النَّاس! ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍ بـالجعدِ بن درهم، فإنه أنكر أن الله كلمَّ موسى تكليماً، واتخذ إبراهيم خليلاً، ثُمَّ نزل من عَلَى المنبر فذبحه.

قال الشيخ الأرنؤوط: إن هذا السند غير ثابت، ولم يصلنا إسناد صحيح، وبناءاً عليه، فإن الرجل ربما قتل لأن القضية كانت سياسية، وليس من أجل العقيدة والابتداع، ويقول: إنه لم يعرف عن ولاة بني أمية أنهم كانوا يقتلون الرجل لأجل العقيدة، وإنما يقتلونه لأجل مخالفته لهم في السياسة والحكم.
قلتُ: وهذا الكلام احتمال لا دليل عليه وما دام أن الشيخ لم يأتينا بما يثبت أنه كَانَ بين الجعد بن درهم وبين خالد أو بين بني أمية قضية سياسية قتلوه من أجلها فيظل هذا مجرد احتمال، والاحتمالات لا نعمل بها مع ورود الخبر الذي نقله المؤرخون، مثل ابن عساكر والخطيب البغدادي في كتبهم، لا سيما وقد ذكر المؤرخون فيما بعد أنه قتل لهذا السبب وأن خالد بن عبد الله قَالَ: الكلام السابق، وعلى ذلك فإننا لا نستطيع رد هذا الكلام إلا بدليل، وليس هناك ثُمَّ دليل عَلَى أن السبب كَانَ قضية سياسية